الاثنين، 17 سبتمبر 2012


الجرائم الإلكترونية تقلِق العرب
بات الدخول في الشبكة العنكبوتية «مخاطرة» بعد انتشار الجرائم الإلكترونية مثل النصب والتجسس وغسل الأموال وتزوير بطاقات الائتمان وتسريب المواد الإباحية ودعارة الأطفال والتشهير واقتحام الحواسيب الخاصة والدخول الى البريد الإلكتروني للجمهور وانتحال الهوية وغيرها. وكشفت دراسات قدمت في مؤتمر متخصّص استضافته القاهرة أخيراً، ان جريمة تحدث كل ثلاث دقائق على الإنترنت التي تضم 500 مليون موقع وأكثر من 15 بليون صفحة وملايين قواعد المعلومات وغيرها.

ويقدر الخبراء قيمة الخسائر المادية للاعتداءات على حقوق الملكية الفكرية بنحو 72 بليون دولار سنوياً.


تهديد سيادة الدول

في المقابل، يسعى خبراء في القضاء والأمن والاجتماع لاستنباط طرق تحدّ من انتشار جرائم المعلوماتية، التي تؤثر أيضاً في سيادة الدول لأنها تصدر من فاعلين «عابرين للأوطان» بحيث تضرب أيديهم شبكة «الويب» التي لا تعترف بالحدود الجغرافية.

وأطلق كثيرون من هؤلاء الخبراء نداءات تطالب بسن قوانين لمواجهة الجريمة الإلكترونية، لأن التشريعات الحالية قاصرة عن التعامل معها، وبتزويد سلطات التحقيق وحدات متخصصة تدعمها كي تستدل على كشف الجريمة الإلكترونية بأنواعها.

ويُلاحظ أيضاً أن الدول العربية لم تنجح في وضع سياسة إعلامية ترسخ هويتها الثقافية ومعطياتها الحضارية، ما يدفع المتلقي العربي للاندفاع نحو البث الوافد عبر الشبكة العنكبوتية، بكل ما يحمله من مفاهيم وسلوكيات مغايرة للسائد عربياً. ويطاول هذا التأثير الأطفال الذين تعرضهم الشبكة العنكبوتية لسيول من المواد غير المناسبة والمشاهد العنيفة، إضافة الى التحرّش بهم واستدراجهم وتوريطهم في أنشطة مؤذية.

لذا، رأى رئيس البرلمان المصري الدكتور فتحي سرور (وهو متخصص في القانون) أن غياب قوانين تنظّم العلاقات بصورة تحفظ للدول والشعوب حقوقها، يؤدي الى تحول الفضاء الإلكتروني الى أدغال يحكمها قانون الغاب. وحينها، تفقد الشبكات الإلكترونية قيمتها كوسيط لنقل المعلومات وللتواصل بين الناس. وشدد على ضرورة درء هذه الأخطار عبر التعاون الأمني مع أجهزة تنظيم المعلومات، وتكثيف أعمال الرقابة والسيطرة، وعقد اتفاقات دولية بين دول العالم لمحاربة هذا النوع من الجرائم.

واعتبر الجريمة الإلكترونية تهديداً للسلامة المدنية والحق في الحياة. وكان سرور يتحدث في «المؤتمر الإقليمي الأول حول الجريمة الإلكترونية» الذي أنهى أعماله أخيراً في القاهرة وشارك فيه عدد من الخبراء والوزراء وكبار المسؤولين في وزارات الداخلية والتنمية الإدارية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخبراء ورجال الأعمال.

وطالب سرور بسن تشريعات لمواجهة الظاهرة، لأن التشريعات الحالية قاصرة عن التعامل معها؛ وكذلك بتزويد السلطات الرسمية وحدات متخصصة تدعمها كي تستدل على كشف الجرائم الرقمية.

وحفلت أجندة المؤتمر بالقضايا التي شملت التحديات التي يواجهها الاقتصاد والأمن القوميان في ما يتعلق بجرائم المعلوماتية، ودور البطاقات الذكية وتطبيقاتها مثل جواز السفر والبطاقة الشخصية الإلكترونيين. كما استعرض تجربة ماليزيا التي قدمت أول جواز سفر وبطاقة شخصية رقميين. ونوقشت تجربة مملكة البحرين في تلك الوثائق باعتبارها أول دولة عربية شرعت في استخدامهما.

وتضمنت محاور المؤتمر الإقليمي عينه مفاهيم الجريمة الإلكترونية في مجال الكومبيوتر والإنترنت والخليوي، وسمات المجرم المعلوماتي، والأنماط التقليدية للجريمة الرقمية مثل سرقة الهوية والاستيلاء على بطاقات الدفع الآلي واقتحام حسابات المصارف وتخريب أنشطة التبادل التجاري والتدخل في عمليات التجارة الإلكترونية وغيرها.

وناقش كذلك الجرائم المتعلقة بالمحتوى مثل تسهيل الدعارة عبر الإنترنت، والسب والقذف على الشبكة العنكبوتية، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية، وسرقة الأسرار الصناعية، إضافة الى نقاش التحديات القانونية التي تنتج من اندماج الوسائط الإلكترونية. وتعرض أيضاً لأبعاد استخدام الوسائط الإلكترونية للإساءة الى الأطفال مثل استغلالهم جنسياً وجرائم استخدامهم تجارياً.

وأعطى المؤتمر حيزاً لنقاش توفير استخدام الأطفال الآمن للوسائط الإلكترونية بما فيها الهاتف المحمول وشبكة الإنترنت، وكذلك دور المجتمع المدني والقطاع الخاص في مواجهة ظواهر الإساءة الى الأطفال عبر وسائل الاتصال مع عرض لنماذج قضايا حقيقية في ذلك المجال.


مواجهة الجريمة الرقمية

خصص المؤتمر جلسات لمناقشة المسائل المتعلقة بالدخول غير المشروع إلى الشبكات الإلكترونية، وحدود مسؤولية الشركاء، والتعويضات في حال جرائم الفيروسات والاختراق وتدمير الشبكات والسيطرة عليها وغيرها. وأفرد محوراً عن المواجهة الموضوعية للجريمة الإلكترونية والآليات الدولية في هذا الشأن؛ مثل اتفاقية مجلس أوروبا عن الجريمة الإلكترونية والآليات والقوانين النموذجية والإرشادات لـ «مجموعة دول الكومنولث» و «منظمة التعاون والتنمية» وغيرها.

وأبرز النقاش الذي ساهم فيه ممثلون عن عدد من الجامعات والمؤسسات البحثية الحاجة الى إطار قانوني وطني لمكافحة هذه الظاهرة الرقمية الخطيرة. وتطرق أيضاً الى كيفية المواجهة الإجرائية للجريمة المعلوماتية، ووسائل ضبطها وتتبعها ورصدها وأنماط التحقيق فيها والتصرف بخصوصها، إضافة الى سبل التعامل مع الدليل الرقمي وضبطه ومعاينته وحفظه، ومسؤولية مقدمي الخدمة، وتقنين عمل مقاهي الإنترنت والشبكات المفتوحة. كذلك طاول النقاش أهمية تبادل المعلومات والتعاون بين الشرطة والقضاء محلياً ودولياً لمكافحة الجريمة الإلكترونية.

وفي هذا السياق، أوضح رئيس «الهيئة المصرية لصناعة وتطبيقات البطاقات الذكية» المهندس مصطفى سماحة ان «البطاقة الذكية» ربما اختلفت عن تلك المستخدمة في البطاقة الشخصية مثلاً والتي تحمل بعض بيانات صاحب البطاقة: «يكمن الخلاف في امر جوهري هو إمكان وضع كثير من المعلومات الشخصية عن صاحب البطاقة، مثل صورة بصمة إصبعه، ما يجعل من المستحيل تزوير جواز السفر او البطاقة الشخصية».

وأشار سماحة إلى مشروع لإنشاء جمعية لصناعة «البطاقات الذكية» وتطبيقاتها في المنطقة العربية، تضم أعضاء من شركات متعددة الجنسية ومجموعة من المصارف. وبيّن أنها تعتزم الإعلان عن أسماء أعضائها خلال أشهر قليلة.

وطالب نائب رئيس محكمة النقض الدكتور رفعت عبدالمجيد بصوغ معاهدات دولية لتحقيق الأمن المعلوماتي.

ولفت الى أن جرائم القرصنة الرقمية مثـــــلاً تهدد الدول المعتدى عليها من خلال شركاتها ومؤسساتها، وكذلك تهـــدد البــلاد التي ينطلق منها المجرمون لأنها تقتل روح الابتكار والتطور فيها.

وانتقد عبدالمجيد القوانين المطبقة حالياً لأنها لا تستطيع الحد من القرصنة وسائر أنواع الجرائم الإلكترونية. وقال: «إن قانون تنظيم الاتصالات الرقم 10 لسنة 2003 في مصر يقتصر على حماية الشركات المتخصصة بالاتصالات، وقانون حماية الملكية الفكرية في المادة 140 يختص بحماية برامج الحاسوب الآلي، ولكنه لا يتطرق الى الملكية الفكرية المتخصصة».

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحاديث المشهورة للحبيب عليه الصلاة والسلام